على وجه اليقين، لكنه حتما بيننا..
أنت ستدفع ثمن جريمة قد تكون ارتكبتها، أو لا تعرف عنها شيئا، وفي كل الأحوال عليك أن تختار.. والخيارات ليست كثيرة كما قلنا، إما الحياة.. أو الموت!
هذا أيها السادة –كما لاحظ الأذكياء منكم- هو الجزء الثالث من سلسلة أفلام الرعب الشهيرة Saw، والتي حققت نجاحا جماهيريا كبيرا سواء في الولايات المتحدة، أو على مستوى العالم، فقد حقق 33 مليونا في ليلة عرضه الأولى، ثم حقق 88 مليونا من الدولارات في أمريكا وحدها، و150 مليونا حول العالم.
لعبتان: موت أم حياة؟
والحكاية ببساطة أن الدكتورة لين دينلون – التي لا يتعدى عمرها الثلاثين عاما- طبيبة أخرى، ممن اعتدن العمل على الحالات الطارئة التي ترد للمستشفى عند وقوع الحوادث.. يتم اختطافها بعد أن تنهى عملها ليلا في المستشفى، ليتم أخذها إلى تلك الغرفة المغلقة، التي تدور فيها معظم أحداث الفيلم.
في هذه الغرفة المخيفة، يرقد جون كرامر حبيس الفراش، على شفا حفرة من الموت، معتمدا على بعض الأجهزة الطبية.. هناك أيضا تلك الفتاة أماندا التي تعاون كرامر، وتجبر الطبيبة دينلون على تنفيذ مطالبه.. دينلون نفسها في موقف لا تحسد عليه، فهي مطالبة ببذل قصارى جهدها، لإبقاء كرامر حيا، وهي مهمة عسيرة جدا؛ لأن تقريره الطبي يشير إلى أن ساعاته الباقية له في عالمنا صارت محدودة للغاية..
هنا تكمن اللعبة الأولى.. فاللعبة أن د.دينلون مرغمة على الحفاظ على حياة كرامر؛ لأن هناك طوقاً ظريفاً يحيط بعنقها، متصل بوسيلة ما بقلب كرامر، فإذا ما توقف القلب عن الخفقان ينفجر الطوق.. هكذا بمنتهى البساطة!
أما عن مطلب كرامر، فهو البساطة ذاتها.. هو يريد من جيف أن يلعب لعبة أخرى، وهذه هي لعبتنا الثانية.. هناك سلسلة من الألعاب التي ابتكرها، وعلى جيف أن يخوضها، ويتخطاها الواحدة بعد الأخرى، بينما كرامر يتابع ما يحدث باستمتاع، والدكتورة دينلون عاكفة على بذل ما في وسعها لإبقائه حيا.. كرامر قد وعد جيف أنه إذا تخطى كل المراحل ووصل إلى المرحلة النهائية من اللعبة، فسيعرف السر الذي يسعى إليه.. من قتل ابنه ذا الثمانية أعوام؟.. ويا له من سؤال لا نعرف إجابته طبعا سوى في النهاية!
بعد الإجابة:
نحن هنا في جزء آخر من أفلام المنشار، لذا توقع الكثير من المشاهد المثيرة للغثيان.. خذ عندك مثلا فتاة تضع يدها في كوب مملوء بحمض الكبريتيك المركز لتلتقط مفتاحا من قاعه.. وطبيبة تقطع جزءا من جمجمة قاتل متوحش، لمساعدته على البقاء حيا أكثر وقت ممكن.. وطبعا الكثير من الدماء.. كل هذا وأكثر متوقع!.. هذه الأفلام نجحت بشدة؛ لأنها ترضى الرعب المازوخى-حب تعذيب النفس- لدى النفس البشرية.. ما أروع أن ترى إنسانا يقطع كاحله بمنشار! واو! يا للرعب!.. بالضبط هذا هو منطق من يدفعون أموالا كي يدخلون هذه الأفلام!
يمكنك بسهولة أن تفهم سر انخفاض تكلفة فيلم رعب كهذا، فالإمكانيات أبسط كثيرا مما تتصور، وتعتمد أكثر ما تعتمد على الموسيقى التصويرية المثيرة للرجفة، وتطورات الأحداث الحابسة للأنفاس، وهو ما يبرهن على أن ليس بالإنتاج الضخم وحده تنجح الأفلام.
دارت معظم أحداث الفيلم في غرفة واحدة، وهذا سبب آخر لانخفاض التكلفة، كما ساهم ذلك في زيادة جرعة الرعب كثيرا، فكل شيء هنا يدور في مكان مغلق، تتطور فيه الأحداث ببطء، حتى يتحول لساحة دموية في النهاية.
لعب المخرج بالإضاءة، التي تراوحت بين الخافتة والظلام الدامس، ليبث شعورا بالخوف لدى المشاهد، خصوصا مع مشاهد الرعب المعوي بما فيها من دماء وعبث بالجسد البشرى، كما أنه يثير الاشمئزاز لدى المشاهد، أضف إلى هذا رؤية هذه المشاهد على شاشة السينما العملاقة، بما يصاحبها من مؤثرات صوتية مجسمة، مع موسيقى تصويرية مرعبة من الطراز الثقيل، لتعرف جيدا سر هوس الناس بالإقبال على مشاهدة هذه الأفلام المقيتة في دور العرض.
منتجو الفيلم كانوا واثقين كالعادة من نجاح الفيلم، كما نجح جزءاه الأول والثاني، وهذا ما دفعهم ببساطة إلى دعوتنا لانتظار الجزء الرابع من سلسلة الرعب في نهاية الفيلم.
ليس هذا الفيلم من أفلام الرعب المفضلة للكثيرين -وأنا منهم- لأنها تعتمد كثيرا على رعب الأعضاء البشرية، والصرخات العالية، وفكرة القاتل الوغد المتعطش للدماء، وهو ما رأيناه في سلاسل أفلام رعب كثيرة، كانت أشهرها سلسلة "الصرخة Scream" الشهيرة.
الكاست:
لعب Tobin Bell دور الشرير المريض كرامر، فجاء أداؤه مخيفا بحق، جسد الشر بعينيه وصوته القاسي.. نجح ببراعة في جعل الجمهور يكرهه بشدة!
جاءت Shawnee Smith في دور مرعب آخر، بدت فيه الفتاة القوية المتحكمة التي تملك حياة الطبيبة.
جسدت Bahar Soomekh دور الطبيبة د.لين، وبذلت كل ما في وسعها من الصراخ والعويل، الذي جعل المشاهدين في حالة توتر مستمر، وهذا يعني أنها نجحت بالفعل